زلفى، ويقول: إنها لا تنفع من عبدها، ولا تضر من لم يعبدها، وهم مع هذا كله كافرون بذكر الرحمن. فالخطاب في قوله:{وَإِذَا رَآكَ} للنبي - صلى الله عليه وسلم -. و {إِنْ} في قوله: {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ} نافية. والاستفهام في قوله:{أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} قال فيه أبو حيان في البحر: إنه للإنكار والتعجيب. والذي يظهر لي أنهم يريدون بالاستفهام المذكور التحقير بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، كما تدل عليه قرينة قوله:{إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا}. وقد تقرر في فن المعاني: أن من الأغراض التي تؤدى بالاستفهام التحقير. وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: إن جواب {وَإِذَا} هو القول المحذوف، وتقديره: وإذا رءاك الذين كفروا يقولون: أهذا الذي يذكر آلهتكم. وقال: إن جملة {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إلا هُزُوًا} جملة معترضة بين إذا وجوابها. واختار أبو حيان في البحر أن جواب {وَإِذَا} هو جملة {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ} وقال: إن جواب "إذا" بجملة مصدرة بـ {إِنْ} أو "ما" النافيتين لا يحتاج إلى الاقتران بالفاء. وقوله:{يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} أي يعيبها. ومن إطلاق الذكر بمعنى العيب قوله تعالى: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (٦٠)} أي: يعيبهم. وقول عنترة:
لا تذكري مهري وما أطعمته ... فيكون جلدك مثل جلد الأجرب
أي: لا تعيبي مهري، قاله القرطبي.
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: الذكر يكون بخير وبخلافه. فإذا دلت الحال على أحدهما أطلق ولم يقيد، كقولك للرجل: سمعت فلانًا يذكرك، فإن كان الذاكر صديقًا فهو