للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَنَجَّينَاهُ وَلُوطًا} الآية.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَأَرَادُوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠)} يوضحه ما قبله. فالكيد الذي أرادوه به إحراقه بالنار نصرًا منهم لآلهتهم في زعمهم، وجعله تعالى إياهم الأخسرين؛ أي الذين هم أكثر خسرانًا لبطلان كيدهم وسلامته من نارهم.

وقد أشار تعالى إلى ذلك أيضًا في سورة "الصافات" في قوله: {فَأَرَادُوا بِهِ كَيدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (٩٨)} وكونهم الأسفلين واضح لعلوه عليهم وسلامته من شرهم. وكونهم الأخسرين لأنهم خسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين. وفي القصة: أن الله سلط عليهم خلقًا من أضعف خلقه فأهلكهم وهو البعوض. وفيها أيضًا: أن كل الدواب تطفيء عن إبراهيم النار، إلا الوزغ فإنه ينفخ النار عليه.

وقد قدمنا الأحاديث الواردة بالأمر بقتل الأوزاغ في سورة "الأنعام"، وعن أبي العالية: لو لم يقل الله: {وَسَلَامًا} لكان بردها أشد عليه من حرها. ولو لم يقل {عَلَى إِبْرَاهِيمَ}: لكان بردها باقيًا إلى الأبد. وعن علي وابن عباس رضي الله عنهم لو لم يقل: {وَسَلَامًا} لمات إبراهيم من بردها. وعن السدي: لم تبق في ذلك اليوم نار إلا طفئت. وعن كعب وقتادة: لم تحرق النار من إبراهيم إلا وثاقه. وعن المنهال بن عمرو: قال إبراهيم: ما كنت أيامًا قط أنعم مني في الأيام التي كنت فيها في النار. وعن شعيب الحماني: أنه ألقِي في النار وهو ابن ست عشرة سنة. وعن ابن جريج: ألقي فيها وهو ابن ست وعشرين. وعن الكلبي: بردت نيران الأرض