من أنهما حكما فيها باجتهاد، وأن سليمان أصاب في اجتهاده؛ جاءت السنة الصحيحة بوقوع مثله منهما في غير هذه المسألة؛ فدل ذلك على إمكانه في هذه المسألة، وقد دلت القرينة القرآنية على وقوعه، قال البخاري في صحيحه:(باب إذا ادعت المرأة ابنًا) حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك. فقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك. فتحاكمتا إلى داود عليه السلام ، فقضى به للكبرى، فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام، فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها؛ فقضى به للصغرى. قال أبو هريرة: والله إن سمعت بالسكين قط إلا يومئذ، وما كنا نقول إلا المدية". انتهى من صحيح البخاري.
وقال مسلم بن الحجاج في صحيحه: حدثني زهير بن حرب، حدثني شبابة، حدثني ورقاء عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما. فقالت هذه لصاحبتها: إنما ذهب بابنك أنت. وقالت الأخرى: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود فقضى به للكبرى. فخرجتا على سليمان بن داود عليهما السلام؛ فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينكما. فقالت الصغرى: لا يرحمك الله". انتهى منه. فهذا الحديث الصحيح يدل دلالة واضحة على أنهما قضيا معًا بالاجتهاد في شأن الولد المذكور، وأن سليمان