قدر عمقه به؛ ولهذا سمي الميل مقياسًا، ومن هذا المعنى قول البعيث بن بشر يصف جراحة أو شجة:
إذا قاسها الآسي النطاسي أدبرت ... غثيثتها وازداد وهيًا هزومها
فقوله:"قاسها" يعني قدر عمقها بالميل. والآسى: الطبيب، والنطاسي (بكسر النون وفتحها): الماهر بالطب؛ والغثيثة (بثاءين مثلثتين): مدة الجرح وقيحه، وما فيه من لحم ميت. والوهي: التخرق والتشقق. والهزوم: غمز الشيء باليد فيصير فيه حفرة كما يقع في الورم الشديد.
وتعريف القياس المذكور في اصطلاح أهل الأصول، كثرت فيه عبارات الأصوليين، مع مناقشات معروفة في تعريفاتهم له. واختار غير واحد منهم تعريفه بأنه: حمل معلوم على معلوم -أي إلحاقه به في حكمه- لمساواته له في علة الحكم. وهذا التعريف إنما يشمل القياس الصحيح دون الفاسد. والتعريف الشامل للفاسد: هو أن تزيد على تعريف الصحيح لفظة عند الحامل؛ فتقول: هو إلحاق معلوم في حكمه لمساواته له في علة الحكم عند الحامل، فيدخل الفاسد في الحد مع الصحيح، كما أشار إليه صاحب مراقي السعود بقوله معرفًا للقياس:
بحمل معلوم على ما قد علم ... للاستوا في علة الحكم وسم
وإن ترد شموله لما فَسَدْ ... فزد لدى الحامل والزيد أَسَدْ
ومعلوم أن أركان القياس المذكور أربعة: وهي الأصل المقيس عليه، والفرع المقيس، والعلة الجامعة بينهما، وحكم