للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو حكمها، فمثال الجمع بملزوم العلة أن يقال: النبيذ حرام كالخمر بجامع الشدة المطربة، وهي ملزوم للإسكار، بمعنى أنها يلزم من وجود الإسكار. ومثال الجمع بأثر العلة أن يقال: القتل بالمثقل يوجب القصاص كالقتل بمحدد بجامع الإثم، وهو أثر العلة وهي القتل العمد العدوان. ومثال الجمع بحكم العلة أن يقال: تقطع الجماعة بالواحد كما يقتلون به، بجامع وجوب الدية عليهم في ذلك حيث كان غير عمد، وهو حكم العلة التي هي القطع منهم في الصورة الأولى، والقتل منهم في الثانية. وإلى تعريف قياس الدلالة المذكور أشار في مراقي السعود بقوله:

جامع ذي الدلالة الذي لزم ... فأثر فحكمها كما رسم

وقوله: "الذي لزم" بالبناء للفاعل يعني اللازم، وتعبيره هنا باللازم تبعًا لغيره غلط منه رحمه الله، وممن تبعه هو؛ لأن وجود اللازم لا يكون دليلًا على وجود الملزوم بإطباق العقلاء؛ لاحتمال كون اللازم أعم من الملزوم، ووجود الأعم لا يقتضي وجود الأخص كما هو معروف. ولذا أجمع النظار على استثناء عين التالي في الشرطي المتصل لا ينتج عين المقدم؛ لأن وجود اللازم لا يقتضي وجود الملزوم. والصواب ما مثلنا به من الجمع بملزوم العلة؛ لأن الملزوم هو الذي يقتضي وجوده وجود اللازم كما هو معروف. فالشدة المطربة والإسكار متلازمان، ودلالة الشدة المطربة على الإسكار إنما هي من حيث إنها ملزوم له لا لازم، لما عرفت من أن وجود اللازم لا يقتضي وجود الملزوم. واقتضاؤه له هنا إنما هو للملازمة بين الطرفين؛ لأن كلًّا منهما لازم للآخر وملزوم له