حديثين، أما في حديث واحد من طريقين فمن زيادة العدل فمردود بأنه لا دليل عليه، وأنه مخالف لظاهر كلام عامة العلماء، ولا وجه للفرق بينهما.
وما ذكره الشوكاني -رحمه الله- في نيل الأوطار من أن رواية أبي داود التي فيها التقييد بعدم الدخول فرد من أفراد الروايات العامة، وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه، لا يظهر؛ لأن هذه المسألة من مسائل المطلق والمقيد، لا من مسائل ذكر بعض أفراد العام، فالروايات التي أخرجها مسلم مطلقة عن قيد عدم الدخول، والرواية التي أخرجها أبو داود مقيدة بعدم الدخول كما ترى، والمقرر في الأصول حمل المطلق على المقيد، ولاسيما إن اتحد الحكم والسبب كما هنا. نعم لقائل أن يقول: إن كلام ابن عباس في رواية أبي داود المذكورة وارد على سؤال إبي الصهباء، وأبو الصهباء لم يسأل إلا عن غير المدخول بها، فجواب ابن عباس لا مفهوم مخالفة له؛ لأنه إنما خص غير المدخول بها لمطابقة الجواب للسؤال. وقد تقرر في الأصول أن من موانع اعتبار دليل الخطاب أعني مفهوم المخالفة، كون الكلام واردا جوابا لسؤال؛ لأن تخصيص المنطوق بالذكر لمطابقة السؤال، فلا يتعين كونه لإخراج حكم المفهوم عن المنطوق. وأشار إليه في مراقي السعود في ذكر موانع اعتبار مفهوم المخالفة بقوله:
أو جهل الحكم أو النطق انجلب ... للسؤل أو جرى على الذي غلب
ومحل الشاهد منه قوله: أو النطق انجلب للسؤل.
وقد قدمنا أن رواية أبي داود المذكورة عن أيوب السختياني