للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذي هو دم الاستحاضة على غيره من دماء العروق التي لا تكون حيضًا. وكل ذلك يدل على أن إلحاق النظير بالنظير من الشرع، لا مخالف له كما يزعمه الظاهرية ومن تبعهم.

المسألة الرابعة

اعلم أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يجتهدون في مسائل الفقه في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم ينكر عليهم، وبعد وفاته من غير نكير، وسنذكر هنا إن شاء الله تعالى أمثلة كثيرة لذلك.

فمن ذلك أمره - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يصلوا العصر في بني قريظة، فاجتهد بعضهم وصلاها في الطريق وقال: لم يرد منا تأخير العصر، وإنما أراد سرعة النهوض، فنظروا إلى المعنى. واجتهد آخرون وأخروها إلى بني قريظة فصلوها ليلًا؛ وقد نظروا إلى اللفظ، وهؤلاء سلف أهل الظاهر. وأولئك سلف أصحاب المعاني والقياس.

ومنها: أن عليًّا رضي الله عنه لما كان باليمن أتاه ثلاثة نفر يختصمون في غلام فقال كل منهم: هو ابني. فأقرع بينهم، فجعل الولد للقارع وجعل عليه للرجلين الآخرين ثلثي الدية؛ فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك حتى بدت نواجذه من قضاء علي رضي الله عنه.

ومنها: اجتهاد سعد بن معاذ رضي الله عنه في حكمه في بني قريظة، وقد صوبه النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات".

ومنها: اجتهاد الصحابيين اللذين خرجا في سفر فحضرت