فهذا وجهان في توجيه قراءة ابن عامر وشعبة، وعليهما فلفظة {الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)} مفعول به بـ{نُنْجِي}.
ومن أجوبة العلماء عن قراءة ابن عامر وشعبة: أن "نُجِّي" على قراءتهما فعل ماض مبني للمفعول، والنائب عن الفاعل ضمير المصدر، أي نجي هو أي الإنجاء، وعلى هذا الوجه فالآية كقراءة من قرأ {لِيَجْزِيَ قَوْمًا} الآية، ببناء "يجزي" للمفعول والنائب ضمير المصدر، أي ليجزي هو أي الجزاء، ونيابة المصدر عن الفاعل في حال كون الفعل متعديًا للمفعول تَرِد بقِلَّة، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
وقابلٌ من ظرفٍ أو من مصدرِ ... أو حرفِ جرٍّ بنيابةٍ حَرِي
ولا ينوبُ بعضُ هذي إن وُجِد ... في اللفظِ مفعولٌ به وقد يَرِد
ومحل الشاهد منه قوله:"وقد يرد" وممن قال بجواز ذلك الأخفش والكوفيون وأبو عبيد. ومن أمثلة ذلك في كلام العرب قول جرير يهجو أم الفرزدق:
ولو ولدت قفيرة جرو كلب ... لسب بذلك الجرو الكلابا
يعني لسب هو أي السب. وقول الراجز:
لم يعن بالعلياء إلا سيدًا ... ولا شفى ذا الغي إلا ذو هدى
وأما إسكان ياء "نُجِّي" على هذا القول فهو على لغة من يقول من العرب: رضي، وبقي بإسكان الياء تخفيفًا. ومنه قراءة الحسن (وذروا ما بَقِي من الربا) بإسكان ياء (بَقِي) ومن شواهد تلك اللغة