وقوله:{كُلُّ مُرْضِعَةٍ} أي: كل أنثى ترضع ولدها، ووجه قوله:{مُرْضِعَةٍ}، ولم يقل:"مرضع" هو ما تقرر في علم العربية من أن الأوصاف المختصة بالإِناث إن أريد بها الفعل لحقها التاء، وإن أريد بها النسب جردت من التاء، فإن قلت: هي مرضع تريد أنها ذات رضاع، جردته من التاء، كقول امرئ القيس:
فمثلكِ حُبلى قد طرقت ومرضع ... فألهيتها عن ذي تمائِمَ مغيل
وإن قلت: هي مرضعة بمعنى أنها تفعل الرضاع، أي: تلقم الولد الثدي، قلت: هي مرضعة بالتاء، ومنه قوله:
كمرضعة أولاد أُخْرى وضيَّعت ... بَنِي بَطنها هذَا الضَّلال عن القصْدِ
كما أشار له بقوله:
وما من الصفات بالأنثى يُخص ... عن تاء استغنى لأن اللَّفظ نص
وحيث معنى الفعل يعني التّاء زد ... كذي غدت مرضعة طفْلًا ولَد
وما زعمه بعض النحاة الكوفيين: من أن أم الصبي "مرضعة" بالتاء، والمستأجرة للإِرضاع:"مرضع" بلا هاء، باطلٌ، قاله أبو حيان في "البحر". واستدل عليه بقوله: كمرضعة أولاد أخرى. . . البيت. فقد أثبت التاء لغير الأم.
وقول الكوفيين أيضًا: إن الوصف المختص بالأنثى لا يحتاج فيه إلى التاء؛ لأن المراد منها الفرق بين الذكر والأنثى، والوصف المختص بالأنثى لا يحتاج إلى فرق؛ لعدم مشاركة الذكر لها فيه، مردود أيضًا، قاله أبو حيان في "البحر" أيضًا مستدلًا بقول العرب: مرضعة، وحائضة، وطالقة. والأظهر في ذلك هو ما قدمنا: من أنه إن أريد الفعل جيء بالتاء، وإن أريد النسبة جرد