للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسكارى، لذهاب عقولهم من شدة الخوف، كما يذهب عقل السكران من الشراب.

وقرأ حمزة والكسائي: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} بفتح السين، وسكون الكاف في الحرفين، على وزن "فعْلَى" بفتح فسكون. وقرأه الباقون: {سُكَارَى} بضم السين، وفتح الكاف بعدها ألف في الحرفين أيضًا، وكلاهما جمع "سكران" على التحقيق. وقيل: إن (سَكْرَى) بفتح فسكون جمع "سَكِر" بفتح فكسر، بمعنى السكران، كما يجمع الزَّمِن على "الزَّمْنَى"، قاله أبو علي الفارسي، كما نقله عنه أبو حيان في "البحر". وقيل: إن (سَكْرى) مفرد، وهو غير صواب.

واستدلال المعتزلة بهذه الآية الكريمة على أن المعدوم يسمى شيئًا؛ لأنه وصف زلزلة الساعة بأنها شيء في حال عدمها قبل وجودها قد بينا وجه رده في سورة مريم، فأغنى عن إعادته هنا.

مسألة

اختلف العلماء في وقت هذه الزلزلة المذكورة هنا، هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى عرصات القيامة، أو هي عبارة عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من القبور؟

فقالت جماعة من أهل العلم: هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا، وأول أحوال الساعة، وممن قال بهذا القول: علقمة، والشعبي، وإبراهيم، وعبيد بن عمير، وابن جريج. وهذا القول من حيث المعنى له وجه من النظر، ولكنه لم يثبت ما يؤيده من النقل، بل الثابت من النقل يؤيد خلافه؛ وهو القول الآخر.