هشام بن عبد الملك، حدثنا شعبة، أنبأني سليمان الأعمش، قال: سمعت زيد بن وهب، عن عبد الله قال: حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - قال:"إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكًا فيؤمر بأربعة برزقه، وأجله، وشقي أو سعيد" الحديث. وهذه الرواية في البخاري ينقص منها ذكر العمل، وهو مذكور في روايات أُخر صحيحة معروفة. وقد قدمنا وجه الدلالة المقصودة من الحديث المذكور. والله أعلم.
وفي هذه الآية الكريمة سؤال معروف وهو أن يقال: ما وجه الإِفراد في قوله: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} مع أن المعنى نخرجكم أطفالًا؟. وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة.
منها: ما ذكره ابن جرير الطبري قال: ووحد الطفل وهو صفة للجمع؛ لأنه مصدر مثل عذر وزور، وتبعه غيره في ذلك.
ومنها: قول من قال: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} أي: نخرج كل واحد منكم طفلًا، ولا يخفى عدم اتجاه هذين الجوابين.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لي من استقراء اللغة العربية التي نزل بها القرآن، هو أن من أساليبها أن المفرد إذا كان اسم جنس يكثر إطلاقه مرادًا به الجمع مع تنكيره كما في هذه الآية، وتعريفه بالألف واللام، وبالإِضافة، فمن أمثلته في القرآن مع التنكير قوله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (٥٤)} أي: وأنهار، بدليل قوله تعالى:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيرِ آسِنٍ} الآية، وقوله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (٧٤)} أي: أئمة، وقوله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيءٍ مِنْهُ نَفْسًا} الآية، أي: أنفسًا، وقوله تعالى: {مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا