للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيح. قال: "إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في الثالثة، فإما أن يمسكها، فيحسن صحبتها، أو يسرحها فلا يظلمها من حقها شيئا".

وعليه ففراق الخلع المذكور لم يرد منه إلا بيان مشروعية الخلع عند خوفهما ألا يقيما حدود الله؛ لأنه ذكر بعد الطلقة الثالثة. وقوله: فَإِنْ طَلَّقَهَا إنما كرره، ليرتب عليه ما يلزم بعد الثالثة، الذي هو قوله: {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} الأية. ولو فرعنا على أن قوله تعالى: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. يراد به عدم الرجعة، وأن الطلقة الثالثة هي المذكورة في قوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} الآية. لم يلزم من ذلك أيضا عدم عد الخلع طلاقا؛ لأن الله تعالى ذكر الخلع في معرض منع الرجوع فيما يعطاه الأزواج، فاستثنى منه صورة جائزة، ولا يلزم من ذلك عدم اعتبارها طلاقا، كما هو ظاهر من سياق الآية. وممن قال بأن الخلع يعد طلاقا بائنا: مالك، وأبو حنيفة، والشافعي في الجديد، وقد روي نحوه عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وابن عمر، وبه قال سعيد بن المسيب، والحسن، وعطاء، وشريح، والشعبي، وإبراهيم، وجابر بن زيد، والثوري، والأوزاعي، وعثمان البتي، كما نقله عنهم ابن كثير وغيره. غير أن الحنفية عندهم أنه متى نوى الخالع بخلعه تطليقة، أو اثنتين، أو أطلق فهو واحدة بائنة، وإن نوى ثلاثا فثلاث، وللشافعي قول آخر في الخلع وهو: أنه متى لم يكن بلفظ الطلاق، وعري عن النية فليس هو بشيء بالكلية، قاله ابن كثير.

ومما احتج به أهل القول بأن الخلع طلاق: ما رواه مالك عن