للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون الله، كفرعون القائل: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيرِي} {لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (٢٩)} {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} فإن فرعون ونحوه من الطغاة المعبودين قد يغدقون نعم الدنيا على عابديهم، ولذا قال له القوم الذين كانوا سحرة: {أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (٤١) قَال نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} فهذا النفع الدنيوي بالنسبة إلى ما سيلاقونه من العذاب، والخلود في النار كلا شيء، فضر هذا المعبود بخلود عابده في النار أقرب من نفعه بعرض قليل زائل من حطام الدنيا، والقرينة على أن المعبود في هذه الآية الأخيرة بعضى الطغاة الذين هم من جنس العقلاء هي التعبير بمن التي تأتي لمن يعقل في قوله: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} هذا هو خلاصة جواب أبي حيان وله اتجاه. والله تعالى أعلم.

واعلم أن اللام في: {يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ} فيها إشكال معروف. وللعلماء عن ذلك أجوبة:

ذكر ابن جرير الطبري رحمه الله منها ثلاثة:

أحدها: أن اللام متزحلقة عن محلها الأصلي، وأن ذلك من أساليب اللغة العربية التي نزل بها القرآن، والأصل يدعو من لضره أقرب من نفعه، وعلى هذا فمن الموصولة في محل نصب مفعول به ليدعوا، واللام موطئة للقسم، داخلة على المبتدأ الذي هو وخبره صلة الموصول، وتأكيد المبتدأ في جملة الصلة باللام، وغيرها لا إشكال فيه.

قال ابن جرير وحكى عن العرب سماعًا: منها: عندي لما غيره خير منه، أي: عندي ما لغيره خير منه، وأعطيتك لما غيره خير منه، أي: ما لغيره خير منه.