للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: ما وجه عطف الفعل المضارع على الفعل الماضي، في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ}؟

فالجواب: من أربعة أوجه: واحد منها ظاهر السقوط.

الأول: هو ما ذكره بعض علماء العربية من أن المضارع، قد لا يلاحظ فيه زمان معين من حال، أو استقبال، فيدل إذ ذاك على الاستمرار، ومنه: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} وقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} قاله أَبو حيان وغيره.

الثاني: أن يصدون خبر مبتدأ محذوف. والتقدير: إن الذين كفروا، وهم يصدون، وعليه فالجملة المعطوفة اسمية لا فعلية، وهذا القول استحسنه القرطبي.

الثالث: أن يصدون مضارع أريد به الماضي، أي: كفروا، وصدوا، وليس بظاهر.

الرابع: أن الواو زائدة، وجملة يصدون خبر إن، أي: إن الذين كفروا يصدون الآية. وهذا هو الذي قدمنا أنَّه ظاهر السقوط، وهو كما ترى، وما ذكره جل وعلا في هذه الآية من أن من أعمال الكفار الصد عن سبيل الله، وعن المسجد الحرام بينه في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} الآية، وقوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَهُ} وقوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ}