مخاطبون بفروع الشريعة، فهو شرط صحة، لا شرط وجوب، وعلى أنهم غير مخاطبين بها، فهو شرط وجوب. والأصح خطاب الكفار بفروع الشريعة كما أوضحنا أدلته في غير هذا الموضع، فيكون الإِسلام شرط صحة في حقهم، ومعلوم أنَّه على أنَّه شرط وجوب، فهو شرط صحة أيضًا؛ لأن بعض شروط الوجوب يكون شرطًا في الصحة أيضًا كالوقت للصلاة، فإنه شرط لوجوبها وصحتها أيضًا، وقد يكون شرط الوجوب ليس شرطًا في الصحة كالبلوغ، والحرية، فإن الصبي لا يجب عليه الحج، مع أنَّه يصح منه لو فعله، وكذلك العبد إلَّا أنَّه لا يجزئ عن حجة الإِسلام إلَّا إذا كان بعد البلوغ وبعد الحرية. وأما الحرية فهي شرط وجوب، فلا يجب الحج على العبد. واستدل العلماء على عدم وجوب الحج على العبد بأمرين:
الأول: إجماع أهل العلم على ذلك، ولكنه إذا حج صح حجه، ولم يجزئه عن حجة الإِسلام، فإن عتق بعد ذلك فعليه حجة الإِسلام.
قال النووي في شرح المهذب: أجمعمت الأمة على أن العبد لا يلزمه الحج؛ لأن منافعه مستحقة لسيده، فليس هو مستطيعًا. ويصح منه الحج بإذن سيده، وبغير إذنه بلا خلاف عندنا.
قال القاضي أَبو الطيب: وبه قال الفقهاء كافة، وقال داود: لا يصح بغير إذنه. انتهى محل الغرض منه.
الأمر الثاني: حديث جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يدل على ذلك، وهو أنَّه - صلى الله عليه وسلم - جاء عنه من حديث ابن عبَّاس أنَّه قال:"أيما صبي حج ثم بلغ فعليه حجة الإِسلام، وأيما عبدٍ حج ثم عتق فعليه حجة الإِسلام".