والسنة يدلان على أن المفارقة بلفظ الطلاق طلاق لا فسخ، والاستدلال على أنه فسخ بإيجاب حيضة واحدة في عدة المختلعة فيه أمران:
أحدهما: ما ذكرنا آنفا من أن أكثر أهل العلم على أن المختلعة تعتد عدة المطلقة ثلاثة قروء.
الثاني: أنه لا ملازمة بين الفسخ والاعتداد بحيضة.
ومما يوضح ذلك أن الإمام أحمد وهو هو -رحمه الله تعالى- يقول في أشهر الروايتين عنه: إن الخلع فسخ لا طلاق، ويقول في أشهر الروايتين عنه أيضا: إن عدة المختلعة ثلاثة قروء كالمطلقة. فظهر عدم الملازمة عنده.
فإن قيل: هذا الذي ذكرتم يدل على أن المخالع إذا صرح بلفظ الطلاق كان طلاقا، ولكن إذا لم يصرح بالطلاق في الخلع فلا يكون الخلع طلاقا. فالجواب أن مرادنا بالاستدلال بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة" أن الطلاق المأمور به من قبله - صلى الله عليه وسلم - هو عوض المال إذ لا يملك الزوج من الفراق غير الطلاق. فالعوض مدفوع له عما يملكه، كما يدل له الحديث المذكور دلالة واضحة.
وقال بعض العلماء: تعتد المختلعة بحيضة، ويروى هذا القول عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، والربيع بنت معوذ، وعمها -وهو صحابي-. وأخرجه أصحاب السنن، والطبراني مرفوعا. والظاهر أن بعض أسانيده أقل درجاتها القبول،