الطلاق قبل الدخول لا عدة فيه أصلا؛ لأن الرحم لم يعلق بها شيء من ماء المطلق حتى تطلب براءتها منه بالعدة، كما هو واضح.
فإن قيل: فما وجه اعتداد المختلعة بحيضة؟
قلنا: إن كان ثابتا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أخرجه عنه أصحاب السنن والطبراني فهو تفريق من الشارع بين الفراق المبذول فيه عوض، وبين غيره في قدر العدة، ولا إشكال في ذلك. كما فرق بين الموت قبل الدخول فأوجب فيه عدة الوفاة، وبين الطلاق قبل الدخول فلم يوجب فيه عدة أصلا. مع أن الكل فراق قبل الدخول. والفرق بين الفراق بعوض، والفراق بغير عوض ظاهر في الجملة، فلا رجعة في الأول بخلاف الثاني.
الفرع الثالث: اختلف العلماء في المخالعة هل يلحقها طلاق من خالعها بعد الخلع على ثلاثة أقوال:
الأول: لا يلحقها طلاقه، لأنها قد ملكت نفسها، وبانت منه بمجرد الخلع. وبهذا يقول ابن عباس، وابن الزبير، وعكرمة، وجابر بن زيد، والحسن البصري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، كما نقله عنهم ابن كثير.
الثاني: أنه إن أتبع الخلع طلاقا من غير سكوت بينهما وقع. وإن سكت بينهما لم يقع، وهذا مذهب مالك. قال ابن عبد البر: وهذا يشبه ما روي عن عثمان رضي الله عنه.
الثالث: أنه يلحقها طلاقه ما دامت في العدة مطلقا. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والثوري، والأوزاعي، وبه يقول سعيد