وأيضا فنفي تحريم ربا الفضل من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم، فيقدم عليه حديث أبي سعيد؛ لأن دلالته بالمنطوق، ويحمل حديث أسامة على الربا الأكبر كما تقدم، والله أعلم اهـ منه.
وقوله: النسخ لا يثبت بالاحتمال مردود بما قدمنا من الروايات المصرحة بأن التحريم بعد الإباحة، ومعرفة المتأخر كافية في الدلالة على النسخ.
وقد روي عن ابن عباس وابن عمر أنهما رجعا عن القول بإباحة ربا الفضل، قال البيهقي في السنن الكبرى ما نصه:"باب ما يستدل به على رجوع من قال من الصدر الأول: لا ربا إلا في النسيئة عن قوله، ونزوعه عنه" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ: أنا أبو الفضل بن إبراهيم، حدثنا أحمد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الأعلى، حدثنا داود بن هند، عن أبي نضرة قال: سألت ابن عمر، وابن عباس عن الصرف فلم يريا به بأسا، وإني لقاعد عند أبي سعيد الخدري فسألته عن الصرف، فقال: ما زاد فهو ربا، فأنكرت ذلك لقولهما، فقال: لا أحدثكم إلا ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جاءه صاحب نخلة بصاع من تمر طيب، وكان تمر النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الدون، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنى لك هذا؟ " قال: انطلقت بصاعين، واشتريت به هذا الصاع؛ فإن سعر هذا بالسوق كذا، وسعر هذا بالسوق كذا. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربيت؟ إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة، ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت" فقال أبو سعيد: فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا، أم الفضة بالفضة؟ قال: فأتيت ابن عمر بعد فنهاني، ولم آت ابن عباس. قال: