ابن إبراهيم، عن أبيه: أن عثمان رأى رجلًا قد تطيب عند الإِحرام، فأمره أن يغسل رأسه بطين. اهـ.
وقد ثبت في صحيح مسلم عن ابن عمر: أن محمد بن المنتشر سأله عن الرجل يتطيب، ثم يصبح محرمًا، فقال: ما أحب أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا؛ لأن أطلى بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك. هذا لفظ مسلم في صحيحه. وفيه بعده رد عائشة على ابن عمر كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
فحديث يعلى المتفق عليه، والآثار التي ذكرنا عن بعض الصحابة، ومنها ما لم نذكره هو حجة مالك، ومن ذكرنا معه في منع التطيب قبل الإِحرام، ووجوب غسله، وإنقائه إن فعل ذلك، ولا فدية فيه عندهم مطلقًا. وذكر بعضهم: أن المشهور عن مالك: الكراهة، لا التحريم.
واحتج الجمهور القائلون باستحباب التطيب عند الإِحرام بما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها، وبعض الآثار الدالة على ذلك عن بعض الصحابة رضي الله عنهم.
قال البخاري في "صحيحه": حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت:"كنت أُطيِّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإِحرامه، حين يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت". وفي "صحيح البخاري" قبل هذا الحديث متصلًا به من طريق الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت:"كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو محرم". وقد ذكرنا هذا الحديث في الكلام على التحلل الأول.