للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عرفت أن من قال بإباحة ربا الفضل رجع عنها، وعلمت أن الأحاديث الصحيحة المتفق عليها مصرحة بكثرة بمنعه، علمت أن الحق الذي لا شك فيه تحريم ربا الفضل، بين كل جنس واحد من الستة مع نفسه، وجواز الفضل بين الجنسين المختلفين يدا بيد، ومنع النساء بين الذهب والفضة مطلقا. وبين التمر والبر، والشعير والملح مطلقا، ولا يمنع طعام بنقد نسيئة كالعكس، وحكى بعض العلماء على ذلك الإجماع، ويبقى غير هذه الأصناف الستة المنصوص عليها في الحديث، فجماهير العلماء على أن الربا لا يختص بالستة المذكورة.

والتحقيق أن علة الربا في النقدين كونهما جوهرين نفيسين. هما ثمن الأشياء غالبا في جميع أقطار الدنيا، وهو قول مالك والشافعي، والعلة فيهما قاصرة عليهما عندهما، وأشهر الروايات عن أحمد أن العلة فيهما كون كل منهما موزون جنس، وهو مذهب أبي حنيفة. وأما البر والشعير والتمر والملح فعلة الربا فيها عند مالك الاقتيات والادخار، وقيل: وغلبة العيش، فلا يمنع ربا الفضل عند مالك وعامة أصحابه إلا في الذهب بالذهب والفضة بالفضة والطعام المقتات المدخر بالطعام المقتات المدخر، وقيل: يشترط مع الاقتيات والادخار غلبة العيش، وإنما جعل مالك العلة ما ذكر؛ لأنه أخص أوصاف الأربعة المذكورة. ونظم بعض المالكية ما فيه ربا النساء، وربا الفضل عند مالك في بيتين وهما:

رباء نسا في النقد حرم، ومثله ... طعام، وإن جنساهما قد تعددا