للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأجابوا عن كون حديث يعلى: دالًّا على المنع، وحديث عائشة: دالًّا على الجواز، والدال على المنع مقدم على الدال على الجواز: بأن محل ذلك فيما إذا جهل المتقدم منهما. أما إذا علم المتقدم، فإنه يجب الأخذ بالمتأخر؛ لأنهم كانوا يأخذون بالأحدث، فالأحدث، وقصة يعلى وقعت بالجعرانة عام ثمان بلا خلاف، وحديث عائشة في حجة الوداع عام عشر، ومن المقرر في الأصول أن النصين إذا تعارضا، وعلم المتأخر منهما فهو ناسخ للأول، كما هو معلوم في محله.

وأجابوا عن كون الدوام على الطيب كابتدائه بأنه منتقض بالنكاح. فإن ابتداء عقده في حال الإِحرام ممنوع عند الجمهور، كما تقدم إيضاحه خلافًا لأبي حنيفة، مع الإجماع على جواز الدوام على نكاح وقع عقده قبل الإِحرام، ثم أحرم بعد عقده الزوجان، وهو دليل على أنه: ما كل دوام كالابتداء.

وقد تقرر في الأصول أن المانع بالنسبة إلى الابتداء والدوام ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

الأول: هو المانع للدوام والابتداء معًا كالرضاع، فإن الرضاع مانع من ابتداء عقد النكاح، كما أنه أيضًا مانع من الدوام عليه، فلو تزوج رضيعة غير محرم منه في حال العقد، ثم أرضعتها أمه بعد العقد، فإن الرضاع الطارئ على عقد النكاح مانع من الدوام عليه، لوجوب فسخ ذلك النكاح بذلك الرضاع الطارئ عليه، وكالحدث فإنه مانع من ابتداء الصلاة، مانع من الدوام عليها إذا طرأ في أثنائها.

والثاني: هو المانع للدوام فقط دون الابتداء، كالطلاق فإنه