وأما نزع القراد والحلمة من بعيره، فقد أجازه عمر بن الخطاب. وكرهه ابن عمر ومالك. وقد روى مالك في الموطأ، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير: أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرد بعيرًا له في طين بالسقيا، وهو محرم. قال مالك: وأنا أكرهه. وروى أيضًا في الموطأ عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان يكره أن ينزع المحرم حلمة، أو قرادًا عن بعيره. قال مالك: وذلك أحب ما سمعت إليَّ في ذلك. وقوله: يقرد بعيره، أي: ينزع عنه القراد ويرميه.
وأما تضميد العين بالصبر ونحوه مما لا طيب فيه لضرورة الوجع فلا خلاف فيه بين العلماء، وأنه لا فدية فيه، كما أجمعوا على أنه إن دعته الضرورة إلى تضميد العين ونحوها بما فيه طيب أن ذلك جائز له، وعليه الفدية.
ومن أدلتهم على جواز تضميد العين بالصبر ونحوه: ما رواه مسلم في صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد، وزهير بن حرب جميعًا، عن ابن عيينة، قال أبو بكر: حدثنا سفيان بن عيينة، حدثنا أيوب بن موسى، عن نبيه بن وهب قال: خرجنا مع أبان بن عثمان، حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه، فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه، فأرسل إلى أبان بن عثمان يسأله فأرسل إليه: أن اضمدهما بالصبر، فإن عثمان رضي الله عنه حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل إذا اشتكى عينيه، وهو محرم ضمدهما بالصبر. وفي لفظ عن مسلم: أن عمر بن عبيد الله بن معمر رمدت عينه، فأراد أن يكحلها، فنهاه أبان بن عثمان، وأمره أن يضمدها