والحاصل: أن هذه المسألة، إنما تعرف فروعها بالتتبع، فقد يكفي موجب واحد مع تعدد الأسباب إجماعًا، كتعدد نواقض الوضوء، وأسباب الجنابة، وتعدد سبب الحد كالزنى، وقد يتعدد إجماعًا كالمسائل المذكورة آنفًا، وقد يختلف في تعدده، وعدم تعدده وهذا هو الغالب في فروع هذه المسألة خلافًا لما قاله الشيخ ميارة في التكميل.
فإذا علمت هذه المسألة في الجملة، وعلمت أنها عند الأصوليين من المسائل المبنية على مسألة الأمر هل يقتضي التكرار، أو لا يقتضيه؟ فهذه أقوال أهل العلم، وأدلتهم في المسألة التي نحن بصددها، وهي ما تعدد فيه الفدية ونحوها بتعدد أسبابها، وما لا تتعدد فيه.
واعلم أولًا: أن تعدد اللازم في الجماع بتعدد الجماع، وعدم تعدده قد قدمنا أقوال أهل العلم فيه، واستوفينا الكلام عليه.
أما مذهب مالك رحمه الله في هذه المسألة ففيه تفصيل، وحاصله: أن الجماع لا يتعدد الهدي اللازم فيه بتعدده، سواء جامع بعد إخراج الهدي عن الجماع الأول، أو قبله. وأما غير الجماع من محظورات الإِحرام كلبس المخيط، والتطيب، وحلق الرأس، وقلم الأظافر، ونحو ذلك، فتارةً تكفي عنده في ذلك فديةً واحدةً عن الجميع، وتارةً تتعدد بتعدد أسبابها.
أما موجبات عدم تعدد الفدية فهي في مذهب مالك ثلاثة:
الأولى: أن يكون فعل أسباب الفدية في وقت واحد، أو بعضها بالقرب من بعض، فإن لبس وتطيب وحلق في وقت واحد،