للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف قوله فيما بعد التحلل من العمرة قبل الإِحرام بالحج.

ودليلنا أن الهدي متعلق بالتحلل، وهو المفهوم من قوله تعالى. {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}. اهـ منه. وكلام علماء المالكية بنحو هذا كثير معروف.

والحاصل: أنه لا يجوز ذبح دم التمتع، والقران عند مالك، وعامة أصحابه قبل يوم النحر، وفيه قول ضعيف بجوازه بعد الوقوف بعرفة، وهو لا يعول عليه، وأن قولهم: إنه يجب بإحرام الحج لا فائدة فيه إلَّا جواز إشعار الهدي وتقليده بعد إحرام الحج، لا شيء آخر، فما نقل عن عياض وغيره من المالكية، مما يدل على جواز نحره قبل يوم النحر كله غلط. إما من تصحيف الإِشعار، والتقليد وجعل النحر بدل ذلك غلطًا، وإما من الغلط في فهم المراد عند علماء المالكية، كما لا يخفى على من عنده علم بالمذهب المالكي، فاعرف هذا التحقيق، ولا تغتر بغيره.

ومذهب الإِمام أحمد في وقت وجوبه فيه خلاف، فقيل: وقت وجوبه هو وقت الإِحرام بالحج.

قال في المغني: وهو قول أبي حنيفة، والشافعي؛ لأن الله تعالى قال: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وهذا قد فعل ذلك، ولأن ما جعل غاية فوجود أوله كاف، كقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} إلى أن قال: وعنه أنه يجب إذا وقف بعرفة. قال: وهو قول مالك، واختيار القاضي. ووجه في المغني هذا القول بأنه قبل الوقوف لا يعلم أيتم حجه أو لا؛ لأنه قد يعرض له الفوات، فلا يكون متمتعًا، فلا يجب عليه دم، وذكر عن عطاء وجوبه برمي جمرة العقبة.