للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال النووي في شرح مسلم في الكلام على هذا الحديث: قال عياض رحمه الله تعالى: والمعروف أن نساء العرب إنما كن يتخذن القرون، والذوائب، ولعل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلن هذا بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - لتركهن التزين، واستغنائهن عن تطويل الشعر، وتخفيفًا لمؤنة رؤوسهن. وهذا الذي ذكره القاضي عياض من كونهن فعلنه بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - ، لا في حياته، كذا قاله أيضًا غيره، وهو متعين، ولا يظن بهن فعله في حياته - صلى الله عليه وسلم - . وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء. انتهى كلام النووي.

وقوله: وفيه دليل على جواز تخفيف الشعور للنساء. فيه عندي نظر؛ لما قدمنا من أن أزواج النبي بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - لا يقاس عليهن غيرهن؛ لأن قطع طمعهن في الرجال بالكلية خاص بهن دون غيرهن، وقد يباح لهن من الإِخلال ببعض الزينة ما لا يباح لغيرهن (١)، حتى إن العجوز من غيرهن لتتزين للخطاب، وربما تزوجت؛ لأن كل ساقطة لها لاقطة. وقد يحب بعضهم العجوز كما قال القائل:

أبى القلب إلَّا أم عمرو وحبها ... عجوزًا ومن يحبب عجوزًا يفند

كثوب اليماني قد تقادم عهده ... ورقعته ما شئت في العين واليد

وقال الآخر:

ولو أصبحت ليلى تدب على العصا ... لكان هوى ليلى جديدًا أوائله

والعلم عند الله تعالى.


(١) كان في الأصل: "وهو قد يباح له من الإِخلال. . . لغيره"، ولعل الصواب ما أثبتناه.