لرب الدين أن يهبه ويتركه إجماعا، فالندب إلى الكتابة فيه إنما هو على جهة الحيطة للناس، قاله القرطبي. وقال بعضهم: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة ابن عطية: وهذا القول هو الصحيح. قاله القرطبي أيضا.
وقال الشعبي. كانوا يرون أن قوله:{فَإِنْ أَمِنَ} الآية ناسخ لأمره بالكتب، وحكى نحوه ابن جريج، وقاله ابن زيد، وروي عن أبي سعيد الخدري. وذهب الربيع إلى أن ذلك واجب بهذه الألفاظ ثم خففه الله تعالى بقوله:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} وتمسك جماعة بظاهر الأمر في قوله: {فَاكْتُبُوهُ} فقالوا: إن كتب الدين واجب فرض بهذه الآية بيعا كان أو قرضا، لئلا يقع فيه نسيان أو جحود، وهو اختيار ابن جرير الطبري في تفسيره. وقال ابن جريج: من أدان فليكتب، ومن باع فليشهد اهـ. من القرطبي وسيأتي له زيادة بيان إن شاء الله قريبا.
تنبيه: أخذ بعض العلماء من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} الآية. أن الرهن لا يكون مشروعا إلا في السفر كما قاله مجاهد والضحاك وداود. والتحقيق جوازه في الحضر، وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة أنه - صلى الله عليه وسلم - توفي ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير. وفي الصحيحين أنها درع من حديد. وروى البخاري وأحمد والنسائي وابن ماجه عن أنس أنه - صلى الله عليه وسلم - رهن درعا عند يهودي بالمدينة، وأخذ منه شعيرا لأهله. ولأحمد والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس مثل حديث عائشة، فدل الحديث الصحيح على أن قوله:{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ} لا مفهوم