للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الوجوب في صيغة الأمر: هي ما زعموا من أن المشركين كانوا لا يأكلون هداياهم، فرخص للمسلمين في ذلك.

وعليه فالمعنى: فكلوا إن شئتم، ولا تحرموا الأكل على أنفسكم كما يفعله المشركون.

وقال ابن كثير في تفسيره: إن القول بوجوب الأكل غريب، وعزا للأكثرين أن الأمر للاستحباب. قال: وهو اختيار ابن جرير في تفسيره.

وقال القرطبي في تفسيره: فكلوا منها. أمر معناه: الندب عند الجمهور. ويستحب للرجل أن يأكل من هديه وأضحيته، وأن يتصدق بالأكثر مع تجويزهم الصدقة بالكل، وأكل الكل. وشذت طائفة، فأوجبت الأكل، والإِطعام بظاهر الآية، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - : "فكلوا وادخروا وتصدقوا".

قال إلكيا: قوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} يدل على أنه لا يجوز بيع جميعه، ولا التصدق بجميعه. انتهى كلام القرطبي.

ومعلوم: أن بيع جميعه لا وجه لحليته، بل ولا بيع بعضه، كما هو معلوم.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أقوى القولين دليلًا: وجوب الأكل والإِطعام من الهدايا والضحايا؛ لأن الله تعالى قال: {فَكُلُوا مِنْهَا} في موضعين. وقد قدمنا أن الشرع واللغة دلا على أن صيغة أفعل تدل على الوجوب إلَّا لدليل صارف عن الوجوب. وذكرنا الآيات الدالة على ذلك، كقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)}.