للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له. وقال مجاهد: هو الذي لا يقيه من التراب لباس، ولا غيره. انتهى من القرطبي. وعضدوا هذا بأن العرب تطلق الفقير على من عنده مال لا يكفيه، ومنه قول راعي نمير:

أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد

فسماه فقيرًا مع أن له حلوبة قدر عياله.

وقد ناقشنا أدلة الفريقين مناقشة تبين الصواب في الكتاب المذكور، فأغنانا ذلك عن إعادته هنا. والعلم عند الله تعالى.

وأما المبحث الثاني: وهو ما يجوز الأكل منه، وما لا يجوز فقد اختلف فيه أهل العلم. وهذه مذاهبهم وما يظهر رجحانه بالدليل منها:

فذهب مالك رحمه الله، وأصحابه إلى جواز الأكل من جميع الهدي واجبه وتطوعه إذا بلغ محله إلَّا ثلاثة أشياء: جزاء الصيد، وفدية الأذى، والنذر الذي هو للمساكين. وقال اللخمي: كل هدي واجب في الذمة عن حج أو عمرة من فساد، أو متعة، أو قران، أو تعدي ميقات، أو ترك النزول بعرفة نهارًا، أو ترك النزول بمزدلفة، أو ترك رمي الجمار، أو أخر الحلق يجوز الأكل منه قبل بلوغ محله وبعده. أما جزاء الصيد، وفدية الأذى فيؤكل منهما قبل بلوغهما محلهما، ولا يؤكل منهما بعده.

وأما النذر المضمون إذا لم يسمه للمساكين فإنه يأكل منه بعد بلوغه محله، وإن كان منذورًا معينًا، ولم يسمعه للمساكين، أو قلده، وأشعره من غير نذر أكل منه بعد بلوغه محله، ولم يأكل منه قبله، وإن عين النذر للمساكين، أو نوى ذلك حين التقليد والإِشعار لم يأكل منه قبل ولا بعد.