فقد رأيت مذاهب الأربعة فيما يجوز الأكل منه، وما لا يجوز.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يرجحه الدليل في هذه المسألة: هو جواز الأكل من هدي التطوع، وهدي التمتع، والقران دون غير ذلك. والأكل من هدي التطوع لا خلاف فيه بين العلماء بعد بلوغه محله، وإنما خلافهم في استحباب الأكل منه، أو وجوبه. ومعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة في حجة الوداع "أنه أهدى مائة من الإِبل" ومعلوم أن ما زاد على الواحدة منها تطوع، وقد أكل منها وشرب من مرقها جميعًا.
وأما الدليل على الأكل من هدي التمتع والقران، فهو ما قدمنا مما ثبت في الصحيح أن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذبح عنهن - صلى الله عليه وسلم - بقرًا ودخل عليهم بلحمه وهن متمتعات، وعائشة منهن قارنة، وقد أكلن جميعًا مما ذبح عنهن في تمتعهن، وقرانهن بأمره - صلى الله عليه وسلم - . وهو نص صحيح صريح في جواز الأكل من هدي التمتع والقران. أما غير ما ذكرنا من الدماء فلم يقم دليل يجب الرجوع إليه على الأكل منه، ولا يتحقق دخوله في عموم {فَكُلُوا مِنْهَا} لأنه لترك واجب، أو فعل محظور، فهو بالكفارات أشبه، وعدم الأكل منه أظهر وأحوط. والعلم عند الله تعالى.
مسألة في الأضحية
لا يخفى أن كلامنا في الهدي، وأن الآية التي نحن بصددها ظاهرها أنها في الهدي، ولما كان عمومها قد تدخل فيه الأضحية. أردنا هنا أن نشير إلى بعض أحكام الأضحية باختصار.
اعلم أولًا: أن الأضحية فيها أربع لغات: أضحية بضم الهمزة،