للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِضافة تقع بأدنى ملابسة، فلا تقتضي الوجوب على التحقيق، كما لا يخفى.

وأقوى أدلة من قال بالوجوب: هو ما قدمنا في الصحيحين من حديث جندب بن سفيان البجلي من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر من ذبح قبل الصلاة بالإِعادة، وأمر من لم يذبح بالذبح. وقد قدمنا دلالة الأمر على الوجوب، والحديث المختلف في وقفه ورفعه الذي قدمنا؛ لأن قوله فيه: "فلا يقربن مصلانا" يفهم منه أن ترك الأضحية مخالفة غير هينة، لمنع صاحبها من قرب المصلى، وهو يدل على الوجوب. والفرق بين المسافر والمقيم عند أبي حنيفة لا أعلم له مستندًا من كتاب ولا سنة. وبعض الحنفية يوجهه بأن أداءها له أسباب تشق على المسافر، وهذا وحده لا يكفي دليلًا، لأنه من المعلوم أن كل واجب عجز عنه المكلف يسقط عنه؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}.

وأما الذين قالوا بأن الأضحية سنة مؤكدة، وليست بواجبة، فاستدلوا بأدلة منها: ما رواه مسلم في صحيحه: حدثنا ابن أبي عمر المكي، حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، سمع سعيد بن المسيب يحدث عن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا" قيل لسفيان: فإن بعضهم لا يرفعه. قال: لكني أرفعه. اهـ. وفي لفظ عنها، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند مسلم "إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي فلا يأخذن شعرًا ولا يقلمن ظفرًا" وفي لفظ له عنها مرفوعًا "إذا أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره". اهـ.