أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} الآية. ناسخا لقوله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} الآية. ولجاز أن يكون قوله عز وجل:{فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} ناسخا لقوله عز وجل: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ}.
وقال بعض العلماء: إن قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} لم يتبين بتأخر نزوله عن صدر الآية المشتملة على الأمر بالإشهاد، بل وردا معا، ولا يجوز أن يرد الناسخ والمنسوخ معا جميعا في حالة واحدة، قال: وقد روي عن ابن عباس أنه قال: لما قيل له: إن آية الدين منسوخة قال: لا، والله إن آية الدين محكمة ليس فيها نسخ، قال: والإشهاد إنما جعل للطمأنينة. وذلك أن الله تعالى جعل لتوثيق الدين طرقا منها الكتاب، ومنها الرهن، ومنها الإشهاد، ولا خلاف بين علماء الأمصار أن الرهن مشروع بطريق الندب، لا بطريق الوجوب، فيعلم من ذلك مثله في الإشهاد، وما زال الناس يتبايعون حضرا وسفرا، وبرا وبحرا، وسهلا وجبلا من غير إشهاد، مع علم الناس بذلك من غير نكير، ولو وجب الإشهاد ما تركوا النكير على تاركه، قلت: هذا كله استدلال حسن، وأحسن منه ما جاء من صريح السنة في ترك الإشهاد، وهو ما أخرجه الدارقطني عن طارق بن عبد الله المحاربي رضي الله عنه قال: أقبلنا في ركب من الربذة، وجنوب الربذة، حتى نزلنا قريبا من المدينة، ومعنا ظعينة لنا، فبينما نحن قعود إذ أتانا رجل عليه ثوبان أبيضان، فسلم فرددنا عليه فقال: من أين القوم؟ فقلنا: من الربذة، وجنوب الربذة، قال: ومعنا جمل أحمر، فقال: تبيعوني جملكم هذا؟ فقلنا: نعم قال: بكم؟ قلنا: بكذا وكذا صاعا من تمر