قال الحافظ في بلوغ المرام، في حديث ابن عباس هذا: إسناده صحيح إلَّا أن الحفاظ رجحوا وقفه. اهـ كما تقدمت الإِشارة إليه.
ومن أدلة أهل هذا القول ما رواه كريب، عن ابن عباس قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية فقال. "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، لتخرج راكبة ولتكفر عن يمينها" رواه أحمد، وأبو داود.
وقال في نيل الأوطار: في هذا الحديث: سكت عنه أبو داود، والمنذرى، ورجاله رجال الصحيح. والظاهر المتبادر أن المراد بالتكفير عن اليمين هو كفارة اليمين المعروفة. ولقد صدق الشوكاني في أن رجال حديث أبي داود المذكور رجال الصحيح، لأن أبا داود قال: حدثنا حجاج بن أبي يعقوب، ثنا أبو النضر، ثنا شريك، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كريب، عن ابن عباس إلى آخر الحديث المذكور، فطبقة إسناده الأولى حجاج بن أبي يعقوب، وهو حجاج بن الشاعر الذي أكثر مسلم في صحيحه من الإِخراج له، وهو ثقة حافظ، وطبقته الثانية: أبو النضر وهو هاشم بن القاسم بن مسلم بن مقسم الليثي البغدادي خراساني الأصل، ولقبه قيصر، وهو ثقة ثبت، أخرج له الجميع، وطبقته الثالثة هي: شريك، وهو ابن عبد الله بن أبي شريك النخعي، أبو عبد الله الكوفي القاضي. أخرج له البخاري تعليقًا، وهو من رجال مسلم. وظاهر كلام ابن حجر في تهذيب التهذيب: أن مسلمًا إنما أخرج له في المتابعات، وكلام أهل العلم فيه كثير بين مثن وذاكر غير ذلك، وطبقته الرابعة: محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، وهو من رجال مسلم، وهو ثقة، وطبقته الخامسة: كريب بن أبي مسلم