هذا هو حاصل أدلة أقوال أهل العلم فيما يلزم من نذر شيئًا، وعجز عن فعله. والقول بالهدي والقول بالبدنة يمكن الجمع بينهما؛ لأن البدنة هدي، والخاص يقضي على العام.
وقد ذكرنا كلام الناس في أسانيد الأحاديث الواردة في ذلك وأحوطها فيمن عجز عن المشي الذي نذره في الحج: البدنة؛ لأنها أعظم ما قيل في ذلك، وليس من المستبعد أن تلزم البدنة، وأنه يجزئ الهدى، والصوم، وكفارة اليمين؛ لأن كل الأحاديث الواردة بذلك ليس فيها التصريح بنفي إجزاء شيء آخر، فحديث لزوم كفارة اليمين لم يصرح بعدم إجزاء البدنة، وحديث الهدي لم يصرح بعدم إجزاء الصوم مثلًا. وهكذا.
وقد عرفت أقوال أهل العلم في ذلك مع أن الأحاديث لا يخلو شيء منها من كلام. وظاهر النصوص العامة أنه لا شيء عليه؛ لأن الله يقول:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ويقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" وقد ثبت صحيح مسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} الآية. قال الله: قد فعلت. وفي رواية: نعم. ويدخل في حكم ذلك قوله تعالى:{رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} الآية.
الفرع الرابع: في حكم الإِقدام على النذر مع تعريفه لغة وشرعًا.
اعلم أن الأحاديث الصحيحة دلَّت على أن النذر لا ينبغي وأنه منهي عنه، ولكن إذا وقع وجب الوفاء به إن كان قربة كما تقدم.