وغيرهم. وقول المالكية في تعريف النذر: ولو غضبان لا يخفى أن العلماء مختلفون في نذر الغضبان، هل يلزم فيه ما نذر، أو هو من نوع اللجاج، تلزم فيه كفارة يمين؟ كما أوضحنا حكمه سابقًا.
الفرع الخامس: اعلم أنه قد دل الحديث على أن من نذر أن ينحر تقربًا للَّه في محل معين، فلا بأس بإيفائه بنذره، بأن ينحر في ذلك المحل المعين إذا لم يتقدم عليه أنه كان به وثن يعبد، أو عيد من أعياد الجاهلية. ومفهومه أنه إن كان قد سبق أن فيه وثنًا يعبد، أو عيدًا من أعياد الجاهلية أنه لا يجوز النحر فيه.
قال أبو داود في سننه: حدثنا داود بن رشيد، ثنا شعيب بن إسحاق، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة، قال: حدثني ثابت بن الضحاك، قال: نذر رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أن ينحر إبلًا ببوانة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أنحر إبلًا ببوانة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: هل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم". اهـ. منه.
وفيه الدلالة الظاهرة على أن النحر بموضع كان فيه وثن يعبد، أو عيد من أعياد الجاهلية من معصية الله تعالى، وأنه لا يجوز بحال، والعلم عند الله تعالى. وإسناد الحديث صحيح.
الفرع السادس: اعلم أن الأحاديث الصحيحة دلت على أن من مات وعليه نذر أنه يقضى عنه، وسنقتصر هنا على قليل منها اختصارًا لصحته، وثبوته.