قال: سمعت كعب بن مالك يقول في حديثه: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} فقال في آخر حديثه: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك". اهـ.
فظاهر هذا الحديث الصحيح: أن كعبًا غير مستشير، بل مريد التجرد من جميع ماله على وجه النذر والتوبة، كما في ترجمة الحديث، وقد أمره - صلى الله عليه وسلم - بأن يمسك بعض ماله، وصرح له بأن ذلك خير له. وقد جاء في بعض الروايات أنه فسر ذلك البعض الذي يمسكه بالثلثين، وأنه يتصدق بالثلث.
وقال ابن حجر في شرح هذا الحديث قوله:"أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك" زاد أبو داود عن أحمد بن صالح بهذا السند: فقلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر. وهو عند المصنف من وجه آخر عن ابن شهاب. ووقع في رواية ابن إسحاق عن الزهري بهذا السند عند أبي داود "إن من توبتي أن أخرج من مالي كله للَّه ورسوله صدقة قال: لا. قلت: فنصفه؟ قال: لا. قلت: فثلثه؟ قال: نعم. قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر".
واعلم أن ابن إسحاق في حديثه هذا عند أبي داود صرح بالتحديث عن الزهري، فأمن تدليسه. ثم قال ابن حجر: وأخرج من طريق ابن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وذكر الحديث وفيه: وإنى أنخلع من مالي كله صدقة. قال:"يجزئ عنك الثلث" وفي حديث أبي لبابة عند أحمد وأبي داود مثله. اهـ. محل الغرض من فتح الباري.
وقد رأيت الروايات المصرحة بأنه يجزئه الثلث عن جميع