الله وحده، والوقف على هذا تام على لفظة الجلالة، ومحتملة لأن تكون عاطفة، فيكون قوله:{وَالرَّاسِخُونَ} معطوفا على لفظ الجلالة، وعليه فالمتشابه يعلم تأويله الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أيضا، وفي الآية إشارات تدل على أن الواو استئنافية، لا عاطفة. قال ابن قدامة: في روضة الناظر ما نصه: ولأن في الآية قرائن تدل على أن الله سبحانه، متفرد بعلم المتشابه، وأن الوقف الصحيح عند قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} لفظا ومعنى، أما اللفظ فلأنه لو أراد عطف الراسخين لقال: ويقولون: آمنا به بالواو، أما المعنى فلأنه ذم مبتغى التأويل، ولو كان ذلك للراسخين معلوما لكان مبتغيه ممدوحا لا مذموما؛ ولأن قولهم: آمَنَّا بِهِ، يدل على نوع تفويض وتسليم لشيء لم يقفوا على معناه، سيما إذا تبعوه بقولهم:"كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا"، فذكرهم ربهم ها هنا يعطي الثقة به والتسليم لأمره، وأنه صدر من عنده، كما جاء من عنده المحكم؛ ولأن لفظة "أما" لتفصيل الجمل، فذكره لها في الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ مع وصفة إياهم باتباع المتشابه وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ يدل على قسم آخر يخالفهم في هذه الصفة، وهم الراسخون، ولو كانوا يعلمون تأويله لم يخالفوا القسم الأول في ابتغاء التأويل، وإذ قد ثبت أنه غير معلوم التأويل لأحد فلا يجوز حمله على غير ما ذكرناه اهـ. من الروضة بلفظه.
ومما يؤيد أن الواو استئنافية لا عاطفة، دلالة الاستقراء في القرآن أنه تعالى إذا نفى عن الخلق شيئا وأثبته لنفسه، أنه لا يكون له في ذلك الإثبات شريك كقوله:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} وقوله: {لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ} وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ