فصار الإِلقاء كأنه واقع فيها بالصد عن تمامها والحيلولة دون ذلك.
وعلى أن تمنى بمعنى: قرأ ففي مفعول ألقى تقديران:
أحدهما: من جنس الأول، أي: ألقى الشيطان في قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو النبي الشبه والوساوس ليصد الناس عن اتباع ما يقرؤه، ويتلوه الرسول أو النبي، وعلى هذا التقدير فلا إشكال.
وأما التقدير الثاني: فهو ألقى الشيطان في أمنيته، أي: قراءته ما ليس منها ليظن الكفار أنه منها.
وقوله:{فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} يستأنس به لهذا التقدير.
وقد ذكر كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية قصة الغرانيق قالوا: سبب نزول هذه الآية الكريمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم بمكة، فلما بلغ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (٢٠)} ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى، فلما بلغ آخر السورة سجد وسجد معه المشركون والمسلمون. وقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم، وشاع في الناس أن أهل مكة أسلموا بسبب سجودهم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، حتى رجع المهاجرون من الحبشة ظنًا منهم أن قومهم أسلموا، فوجدوهم على كفرهم.
وقد قدمنا في هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها أن يقول بعض العلماء في الآية قولًا، ويكون في الآية قرينة تدل على بطلان ذلك القول، ومثلنا لذلك بأمثلة متعددة.
وهذا القول الذي زعمه كثير من المفسرين: وهو أن الشيطان ألقى على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الشرك الأكبر، والكفر البواح الذي هو قولهم: تلك الغرانيق العلا، وإن شفاعتهن لترتجى. يعنون: اللات