وقد عد الخشوع في الصلاة هنا من صفات المؤمنين المفلحين، الذين يرثون الفردوس: وبين أن من لم يتصف بهذا الخشوع تصعب عليه الصلاة في قوله: {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (٤٥)} وقد استدل جماعة من أهل العلم بقوله: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} على أن من خشوع المصلي: أن يكون نظره في صلاته إلى موضع سجوده، قالوا: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينظر إلى السماء في الصلاة، فأنزل الله: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر حيث يسجد.
وقال صاحب الدر المنثور: وأخرج ابن مردويه، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} فطأطأ رأسه". اهـ منه.
وأكثر أهل العلم على أن المصلي ينظر إلى موضع سجوده، ولا يرفع بصره. وخالف المالكية الجمهور، فقالوا: إن المصلي ينظر أمامه لا إلى موضع سجوده، واستدلوا لذلك بقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} قالوا: فلو نظر إلى موضع سجوده لاحتاج أن يتكلف ذلك بنوع من الانحناء، وذلك ينافي كمال القيام، وظاهر قوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} لأن المنحني بوجهه إلى موضع سجوده، ليس بمول وجهه شطر المسجد الحرام، والجمهور على خلافهم كما ذكرنا.
واعلم أن معنى أفلح: نال الفلاح، والفلاح يطلق في لغة العرب على معنيين: