فرض على المسلمين حج البيت من استطاع إليه سبيلا، فقالوا: لم يكتب علينا، وأبوا أن يحجوا" قال الله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)}.
الوجه الثاني: أن المراد بقوله: {وَمَنْ كَفَرَ} أي: ومن لم يحج على سبيل التغليظ البالغ في الزجر عن ترك الحج مع الاستطاعة، كقوله للمقداد الثابت في الصحيحين حين سأله عن قتل من أسلم من الكفار بعد أن قطع يده في الحرب: "لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول الكلمة التي قال".
الوجه الثالث: حمل الآية على ظاهرها وأن من لم يحج مع الاستطاعة فقد كفر.
وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ملك زادا وراحلة ولم يحج بيت الله فلا يضره، مات يهوديا، أو نصرانيا؛ وذلك بأن الله قال: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (٩٧)} " روى هذا الحديث الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، كما نقله عنهم ابن كثير، وهو حديث ضعيف ضعفه غير واحد بأن في إسناده هلال بن عبد الله مولى ربيعة بن عمرو بن مسلم الباهلي، وهلال هذا قال الترمذي: مجهول، وقال البخاري: منكر الحديث، وفي إسناده أيضا الحارث الذي رواه عن علي - رضي الله عنه -. قال الترمذي: إنه يضعف في الحديث. وقال ابن عدي: هذا الحديث ليس بمحفوظ. انتهى بالمعنى من ابن كثير.