بعض الأحاديث المذكورة غير ظاهر؛ لأن كثيرًا من الآيات يبين النبي - صلى الله عليه وسلم - تخصيص عمومه، ويوضح المقصود به وإن كان خلاف الظاهر المتبادر منه، ولم يؤد شيء من ذلك إلى نسخ تلاوته كما هو معلوم.
والآية القرآنية عند نزولها تكون لها أحكام متعددة، كالتعبد بتلاوتها، وكالعمل بما تضمنته من الأحكام الشرعية، والقراءة بها في الصلاة، ونحو ذلك من الأحكام. وإذا أراد الله أن ينسخها بحكمته فتارةً ينسخ جميع أحكامها من تلاوة، وتعبد، وعمل بما فيها من الأحكام، كآية عشر رضعات معلومات يحرمن، وتارةً ينسخ بعض أحكامها دون بعض، كنسخ حكم تلاوتها، والتعبد بها مع بقاء ما تضمنته من الأحكام الشرعية، وكسخ حكمها دون تلاوتها، والتعبد بها، كما هو غالب ما في القرآن من النسخ.
وقد أوضحنا جميع ذلك بأمثلته في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} الآية. وله الحكمة البالغة في جميع ما يفعله من ذلك.
فآية الرجم المقصود منها إثبات حكمها، لا التعبد بها، ولا تلاوتها، فأنزلت وقرأها الناس، وفهموا منها حكم الرجم، فلما تقرر ذلك في نفوسهم نسخ الله تلاوتها، والتعبد بها، وأبقى حكمها الذي هو المقصود. واللَّه جلَّ وعلا أعلم. فالرجم ثابت في القرآن.
وما سيأتي عن علي رضي الله عنه أنه قال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . لا ينافي ذلك؛ لأن السنَّة هي التي بينت أن حكم آية الرجم باقٍ بعد نسخ تلاوتها، فصار حكمها من هذه الجهة كأنه ثابت بالسنَّة. واللَّه تعالى أعلم.