لا يخفى، فظاهر الحديث دال دلالة واضحة على قبول شهادة الكفار بعضهم على لعض في حد الزنى إن كان صحيحًا. والسند المذكور الذي أخرجه به أبو داود لا يصح؛ لأن فيه مجالدًا، وهو مجالد بن سعيد بن عمير بن بسطام بن ذي مران بن شرحبيل الهمداني أبو عمرو، ويقال: أبو سعيد الكوفي. وأكثر أهل العلم على ضعفه، وعدم الاحتجاج به. والإِمام مسلم بن الحجاج إنما أخرج حديثه مقرونًا بغيره، فلا عبرة بقول يعقوب بن سفيان: إنه صدوق، ولا بتوثيق النسائي له مرة؛ لأنه ضعفه مرة أخرى، ولا بقول ابن عدي: إن له عن الشعبي، عن جابر أحاديث صالحة؛ لأن أكثر أهل العلم بالرجال على تضعيفه، وعدم الاحتجاج به. أما غير مجالد من رجال سند أبي داود فهم ثقات معروفون؛ لأن يحيى بن موسى البلخي ثقة، وأبو أسامة المذكور فيه هو حماد بن أسامة القرشي مولاهم، وهو ثقة ثبت، ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره. وعامر الذي روى عنه مجالد هو الإِمام الشعبي وجلالته معروفة.
والحاصل: أن مثل هذا السند الذي فيه مجالد المذكور لا يحب الرجوع إليه عن عموم النصوص الصحيحة المقتضية أن الكفار لا تقبل شهادتهم مطلقًا. واللَّه تعالى أعلم.
الفرع الرابع: اعلم أن أهل العلم قد اختلفوا في اشتراط اتحاد المجلس لشهادة شهود الزنا. وعلى اشتراط ذلك لو شهدوا في مجلسين، أو مجالس متفرقة بطلت شهادتهم، وحدوا حد القذف. وعلى عدم اشتراط اتحاد المجلس تصح شهادتهم ولو جاءوا متفرقين، وأدوا شهادتهم في مجالس متعددة. وممن قال باشتراط