الفرع السادس: إن شهد اثنان أنه زنى بها في قميص أبيض، وشهد اثنان أنه زنى بها في قميص أحمر، أو شهد اثنان أنه زنى بها في ثوب كتان، وشهد اثنان أنه زنى بها في ثوب خز.
فقد اختلف أهل العلم هل تكمل شهادتهم أو لا؟ فقال بعضهم: لا تكمل شهادتهم؛ لأن كل اثنين منهما تخالف شهادتهم شهادة الاثنين الآخرين. وممن روي عنه ذلك الشافعي. وقال بعضهم: تكمل شهادتهم، قائلًا: إنه لا تنافي بين الشهادتين، لإِمكان أن يكون عليه قميصان فذكر كل اثنين أحد القميصين، وتركا ذكر الآخر، فيكون الجميع صادقين؛ لأن أحد الثوبين الذي سكت عنه هذان هو الذي ذكره ذانك، كعكسه، فلا تنافي. ويمكن أن يكون عليها هي قميص أحمر؛ وعليه هو قميص أبيض، كعكسه، أو عليه هو ثوب كتان، وعليها هي ثوب خز، كعكسه، فيمكن صدق الجميع؛ وإذا أمكن صدقهم فلا وجه لرد شهادتهم؛ وبهذا جزم صاحب المغني موجهًا له بما ذكرنا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر لنا في هذا الفرع هو وجوب استفسار الشهود؛ فإن جزم اثنان بأن عليه ثوبًا واحدًا أحمر، وجزم الآخران أن عليه ثوبًا واحدًا أبيض لم تكمل شهادتهم لتنافي الشهادتين، وإن اتفقوا على أن عليه ثوبين مثلًا أحدهما أحمر، والثاني أبيض، وذكر كل اثنين أحد الثوبين فلا إشكال في كمال شهادتهم، لاتفاق الشهادتين، وإن لم يمكن استفسار الشهود لموتهم، أو غيبتهم غيبة يتعذر معها سؤالهم، فالذي يظهر لي عدم كمال شهادتهم، لاحتمال تخالف شهادتيهما، ومطلق احتمال اتفاقهما لا يكفي في إقامة الحد؛ لأن الحد يدرأ بالشبهات، فلا يقام