الحسن بن سعيد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن علي، ثم ساق الأثر المذكور بنحو ما قدمنا. اهـ.
وهذه الروايات يعضد بعضها بعضًا، وهي تدل على أن عليًا كان يقول ببداءة الإِمام في الإِقرار وبداءة الشهود في البينة، وإن كان له حكم الرفع فالأمر واضح، وإن كان له حكم الوقف فهي فتوى وفعل من خليفة راشد، ولم يعلم أن أحدًا أنكر عليه. ولهذا استظهرنا بداءة البينة والإِمام في الرجم. والعلم عند الله تعالى.
الفرع الخامس: اعلم أن المرجوم إذا هرب في أثناء الرجم عندما وجد ألم الضرب بالحجارة فإن كان زناه ثابتًا ببينة، فلا خلاف في أنهم يتبعونه، حتى يدركوه، فيرجموه؛ لوجوب إقامة الحد عليه الذي هو الرجم بالبينة، وإن كان زناه ثابتًا بإقرار فقد اختلف أهل العلم فيه.
قال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في المحصن: إذا أقر بالزنا فشرعوا في رجمه، ثم هرب، هل يترك أم يتبع ليقام عليه الحد؛ فقال الشافعي وأحمد وغيرهما: يترك، ولا يتبع لكي يقال له بعد ذلك، فإن رجع عن الإِقرار ترك، وإن أعاد رجم.
وقال مالك في رواية وغيره: إنه يتبع ويرجم. واحتج الشافعي وموافقوه بما جاء في رواية أبي داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ألا تركتموه حتى أنظر في شأنه؟ " وفي رواية "هلا تركتموه فلعله يتوب فيتوب الله عليه".
واحتج الآخرون بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلزمهم ذنبه، مع أنهم قتلوه هربه. وأجاب الشافعي وموافقوه عن هذا بأنه لم يصرح