والكفار يوم بدر قتل منهم سبعون وأسر سبعون، وهذا قول الجمهور. وذكر بعض العلماء أن المصيبة التي أصابت المشركين هي ما أصابهم يوم أحد من قتل وهزيمة، حيث قتل حملة اللواء من بني عبد الدار، وانهزم المشركون في أول الأمر هزيمة منكرة، وبقي لواؤهم ساقطا حتى رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية، وفي ذلك يقول حسان:
فلولا لواء الحارثية أصبحوا ... يباعون في الأسواق بيع الجلائب
وعلى هذا الوجه: فالقرح الذي أصاب القوم المشركين يشير إليه قوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} الآية. ومعنى تحسونهم: تقتلونهم وتستأصلونهم وأصله من الحس الذي هو الإدراك بالحاسة، فمعنى حسه أذهب حسه بالقتل، ومنه قول جرير:
تحسهم السيوف كما تسامى ... حريق النار في أجم الحصيد
وقول الآخر:
حسسناهم بالسيف حسا فأصبحت ... بقيتهم قد شردوا وتبددوا
وقوله رؤبة:
إذا شكونا سنة حسوسا ... تأكل بعد الأخضر اليبسا
يعني بالسنة الحسوس: السنة المجدبة التي تأكل كل شيء. وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب أن الآية قد يكون فيها احتمالان وكل منهما يشهد له قرآن، وكلاهما حق فنذكرهما معا، وما يشهد