فإنه لا يستوجب الحد بذلك، كما لو قال له: يا من نفاه زوج أمه أو يابن ملاعنة، أو يابن من لوعنت. وإنَّما يجب الحد على قاذفه فيما لو قال له: أنت ابن زنى، ونحوها من صريح القذف. والعلم عند الله تعالى.
المسألة السابعة عشرة: في حكم ما لو قال لرجل. يا زانية بتاء الفرق، أو قال لامرأة: يا زاني بلا تاء. قال ابن قدامة في المغني: هو قذف صريح لكل منهما. قال: واختار هذا أَبو بكر، وهو مذهب الشافعي. واختار ابن حامد أنَّه ليس بقذف إلَّا أن يفسره به، وهو قول أبي حنيفة؛ لأنه يحتمل أن يريد بقوله: يا زانية، أي: يا علامة في الزنا. كما يقال للعالم: علامة، ولكثير الرواية: راوية، ولكثير الحفظ: حُفَظة. ولنا أن ما كان قذفًا لأحد الجنسين كان قذفًا للآخر، كقوله: زنيت بفتح التاء، وكسرها لهما جميعًا، ولأن هذا اللفظ خطاب لهما، وإشارة إليهما بلفظ الزنا، وذلك يغني عن التمييز بتاء التأنيث وحذفها، ولذلك لو قال للمرأة: يا شخصًا زانيًا، وللرجل: يا نسمة زانية، كان قاذفًا. وقولهم: إنه يريد بذلك أنَّه علامة في الزنا لا يصح، فإنما كان اسمًا للفعل إذا دخلته الهاء كانت للمبالغة، كقولهم: حُفَظة للمبالغ في الحفظ، وراوية للمبالغ في الرواية، وكذلك همزة لُمزة وصُرَعة؛ ولأن كثيرًا من الناس يذكر المؤنث ويؤنث المذكر، ولا يخرج بذلك عن كون المخاطب به مرادًا بما يراد باللفظ الصحيح. انتهى كلام صاحب المغني.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي فيمن قال لذكر: يا زانية بصيغة التأنيث، أو قال لامرأة: يا زاني بصيغة التذكير، أنَّه يلزمه الحد.