قاذفها، وكذلك الصبي إذا بلغ عشرًا ضرب قاذفه. قال إسحاق: إذا قذف غلامًا يطأ مثله؛ فعليه الحد، والجارية إذا جاوزت تسعًا مثل ذلك. قال ابن المنذر: لا يحد من قذف من لم يبلغ؛ لأن ذلك كذب، ويعزر على الأذى. اهـ. محل الغرض منه بلفظه.
وإذا عرفت مما ذكرنا أقوال أهل العلم في المسألة، فاعلم أن أظهرها عندنا قول ابن المنذر: إنه لا يحد ولكن يعزر. ووجه ذلك أن من لم يبلغ من الذكور والإِناث مرفوع عنه القلم، ولا معرة تلحقه بذنب، لأنه غير مؤاخذ، ولو جاء قاذف الصبي بأربعة يشهدون على الصبي بالزنى فلا حد عليه إجماعًا، ولو كان قذفه قذفًا على الحقيقة للزمه الحد بإقامة القاذف البينة على زناه، وإن خالف في هذا جمع من أجلاء العلماء، ولكنه يعزر التعزير البالغ الرادع له ولغيره عن قذف من لم يبلغ. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الحادية والعشرون: اعلم أن الظاهر فيما لو قال رجل لآخر: زنأت - بالهمزة - أن القاذف إن كان عاميًا لا يفرق بين المعتل والمهموز أنَّه يحد لظهور قصده لقذفه بالزنى. وإن كان عالمًا بالعربية، وقال: إنما أردت بقولي: زنأت - بالهمزة - معناه اللغوي، ومعنى زنأت - بالهمزة - لجأت إلى شيء، أو صعدت في جبل. ومنه قول قيس بن عاصم المنقري يرقص ابنه حكيمًا وهو صغير:
أشبه أبا أمك أو أشبه حمل .... ولا تكونن كهلوف وكل
يصبح في مضجعه قد انجدل ... وارق إلى الخيرات زنأ في الجبل
ومحل الشاهد منه قوله: زنأ في الجبل، أي: صعودًا فيه. والهلوف الثقيل الجافي العظيم اللحية. والوكل الذي يكل أمره إلى