مشهور مذهب مالك، وقد نص عليه في المدونة. ومحل هذا عنده إن لم يكن من العرب.
قال مالك في المدونة: من قال لعربي: يا حبشي، أو يا فارسي، أو يا رومي، فعليه الحد، لأن العرب تنسب إلى آبائها، وهذا نفي لها عن آبائي.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الفرق بين العربي وغيره المذكور عن مالك لا يتجه كل الاتجاه، ووجه كون من قال لرومي: يا حبشي مثلًا لا يحد أن الظاهر أن مراده أنَّه يشبه الحبشي في بعض أخلاقه أو أفعاله، وهو استعمال معروف في العربية. ومذهب أبي حنيفة أنه إن نفاه عن جده لا حد عليه، بأن قال له: لست ابن جدك أنَّه لا حد عليه؛ لأنه صادق إذ هو ابن أبيه لا جده، وكذلك لو نسب جنسًا إلى غيره كقوله لعربي: يا نبطي، فلا حد عليه عنده على المشهور، وكذلك عنده إذا نسبه لقبيلة أخرى غير قبيلته، أو نفاه عن قبيلته؛ لأنه يراد به التشبيه بتلك القبيلة التي نسبه لها في الأخلاق أو الأفعال، أو عدم الفصاحة، ونحو ذلك، فلا يتعين قصد القذف.
وقال صاحب تبيين الحقائق: وروي عن ابن عباس أنَّه سئل عن رجل قال لرجل من قريش: يا نبطي، فقال لا حد عليه. اهـ. وكذلك لا يحد عند أبي حنيفة من قال لرجل: يا ابن ماء السماء، أو نسبه إلى عمه أو خاله، خلافًا للمالكية، ومن وافقهم القائلين بحد من نسبه لعمه ونحوه، أو زوج أمه الذي هو ربيبه؛ لأن العم والخال كلاهما كالأب في الشفقة، وقد يريد التشبيه بالأب في المحبة والشفقة. وقوله: ابن ماء السماء، فإنه قد يراد به التشبيه في الجود والسماحة والصفاء. قالوا: وكان عامر بن حارثة يلقب بماء السماء