القذف لا يقل عن شبهة قوية. وقد ذكر ابن قدامة في المغني أن الأشعث بن قيس روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه كان يقول:"لا أوتي برجل يقول: إن قريشًا ليست من كنانة إلَّا جلدته". اهـ. وانظر إسناده.
المسألة الثالثة والعشرون: في أحكام كلمات متفرقة، كمن قال لرجل: يا قرنان، أو يا ديوث، أو يا كشخان، أو يا قرطبان، أو يا معفوج، أو يا قواد، أو يا ابن منزلة الركبان، أو يا ابن ذات الرايات، أو يا مخنث. أو قال لامرأة: يا قحبة.
اعلم أن أهل العلم اختلفوا في هذه العبارات المذكورة، فمذهب مالك: هو أن من قال لرجل: يا قرنان لزمه حد القذف لزوجته إن طلبته؛ لأن القرنان عند الناس زوج الفاعلة، وكذلك من قال لامرأة: يا قحبة لزمه الحد عند المالكية، وكذلك من قال: يا ابن منزلة الركبان، أو يا ابن ذات الرايات. كل ذلك فيه حد القذف عند المالكية، كما تقدمت الإِشارة إليه، قالوا: لأن الزانية في الجاهلية كانت تنزل الركبان، وتجعل على بابها راية، وكذلك لو قال له: يا مخنث لزمه الحد، إن لم يحلف أنَّه لم يرد قذفًا، فإن حلف أنَّه لم يرده أُدِّب، ولم يحد. قاله في المدونة. وإن قال له: يا ابن الفاسقة، أو يا ابن الفاجرة، أو يا فاسق، أو يا فاجر، أو يا حمار ابن الحمار، أو يا كلب، أو يا ثور، أو يا خنزير، ونحو ذلك فلا حد عليه، ولكنه يعزر تعزيزًا رادعًا حسبما يراه الإِمام. ومذهب أبي حنيفة: أنَّه لو قال له: يا فاسق، يا كافر، يا خبيث، يا لص، يا فاجر، يا منافق، يا لوطي، يا من يلعب بالصبيان، يا آكل الرِّبَا، يا شارب الخمر، يا ديوث، يا مخنث، يا خائن، يا ابن القحبة،