أنَّها توجب التعزير فوجوب التعزير بها كما ذكروا واضح لا إشكال فيه.
وأما الألفاظ التى ذكرنا عنهم أنها لا تعزير فيها، فالأظهر عندنا أنَّها يجب فيها التعزير؛ لأنها كلها شتم وعيب، ولا يخفى أن من قال لإِنسان: يا كلب، يا خنزير، يا حمار، يا تيس، يا بقر إلى آخره، أن هذا شتم واضح لا خفاء به، وليس مراده أن الإِنسان كلب، أو خنزير، ولكن مراده تشبيه الإِنسان بالكلب والخنزير في الخسة والصفات الذمية كما لا يخفى، فهو من نوع التشبيه الذي يسميه البلاغيون تشبيهًا بليغًا، ولا شك أن عاقلًا قيل له: يا كلب، أو يا خنزير مثلًا أن ذلك يؤذيه، ولا يشك أنَّه شتم، فهو أذى ظاهر. وعليه فالظاهر التعزير في الألفاظ المذكورة. وكونهم يسمون الرجل حمارًا أو كلبًا لا ينافي ذلك؛ لأن من الناس من يسم ابنه باسم قبيح لا يرضى غيره أن يعاب به. والظاهر أنَّه إن قال لرجل: يا ابن الأسود، وليس أَبوه، ولا أحد من أجداده بأسود، أنَّه يلزمه الحد لأنه نفي لنسبه، وكذلك قوله: يا ابن الحجام إن لم يكن أَبوه، ولا أحد من أجداده حجامًا فهو قذف؛ لأنه نفي لنسبه، وإلصاق له بأسود، أو حجام ليس بينه وبينه نسب كما هو قول المالكية ومن وافقهم.
وقال صاحب تبيين الحقائق: وتفسير القرطبان هو الذي يرى مع امرأته، أو محرمه رجلًا، فيدعه خاليًا بها. وقيل: هو السبب للجمع بين اثنين لمعنى غير ممدوح. وقيل: هو الذي يبعث امرأته مع غلام بالغ، أو مع مزارعه إلى الضيعة، أو يأذن لهما بالدخول عليها في غيبته. اهـ منه.