يفرق بين قذف الأب والأم؛ لأن قذف الأم بالزنى فيه قدح في نسب ولدها؛ لأن ابن الزانية قد يكون لغير أبيه من أجل زنا أمه.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن قذف أمه وهي ميتة مسلمة كانت أو كافرة حرة أو أمة، حد القاذف إذا طلب الابن وكان حرًا مسلمًا، أما إذا قذفت وهي في الحياة، فليس لولدها المطالبة؛ لأن الحق لها، فلا يطالب به غيرها، ولا يقوم غيرها مقامها، سواء كانت محجورًا عليها، أو غير محجور عليها؛ لأنه حق يثبت للتشفي، فلا يقوم فيه غير المستحق مقامه كالقصاص، وتعتبر حصانتها؛ لأن الحق لها، فتعتبر حصانتها كما لو لم يكن لها ولد. وأما إن قذفت وهي ميتة، فإن لولدها المطالبة؛ لأنه قدح في نسبه، ولأنه يقذف أمه بنسبته إلى أنَّه ابن زنى، ولا يستحق ذلك بطريق الإِرث، ولذلك تعتبر الحصانة فيه، ولا تعتبر الحصانة في أمه؛ لأن القذف له.
وقال أَبو بكر: لا يجب الحد بقذف ميتة بحال، وهو قول أصحاب الرأي؛ لأنه قذف لمن لا تصح منه المطالبة، فأشبه قذف المجنون.
وقال الشافعي: إن كانت الميتة محصنًا فلوليه المطالبة، وينقسم بانقسام الميراث، وإن لم يكن محصنًا فلا حد على قاذفه؛ لأنه ليس بمحصن، فلا يجب الحد بقذفه كما لو كان حيًا.
وأكثر أهل العلم لا يرون الحد على من يقذف من ليس محصنًا حيًا ولا ميتًا؛ لأنه إذا لم يحد بقذف غير المحصن إذا كان حيًا فلأن لا يحد بقذفه ميتًا أولى.
ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الملاعنة: ومن رمى ولدها فعليه الحد.